سموا هذه البسه

البسه: هو مسمى عامي للقط/الهر/القطو/لبسينه .

لهذه البسه الماثلة أمامكم قصة تدمع لها الأعين أرويها لكم في ما يلي من أسطر ...

ولدت هذه البسه و أربع من إخوانها لوالدين لا يملكان من هذه الدنيا سوى قوت يومهما و كرتون مليان تراب و ربما كورة من القطن يتسلون فيها في أوقات الفراغ ، ربت و ترعرعت بشكل غير نظامي (دون أوراق ثبوتيه) في ربوع بلادي ، و كُتب لها بعد وداع حزين أن تنفصل عن والديها و أخوانها الأربع بقرار جائر من مالكها لتنتقل للعيش في منزلنا البسيط دون إستشارة أو أخذ إذن منها ، دون إعتبار لروابطها الأسرية التي ستستأصل منها ، طفلة بريئة تأخذ من بين أحضان والديها لتواجه مستقبلاً لا تعلم عنه سوى أنه سيكون بعيداً عن دفء العائلة و حنان الأمومة .

لماذا ؟ لا لشيء سوى لأن صديق أخي الأصغر قرر أنه يكن بعض المحبة لأخي و أنه يستحق الحصول على أحد أطفال قطته .
و اليوم .. و أنا أكتب لكم هذه الأسطر .. ها هي تواجه يومها الثالث في هذا البيت الذي له تاريخ حافل بالمآسي مع كل ما هو حي (ما عدا البني آدميين) .

قبل عدة سنوات و في هذا البيت قرر أخي الأصغر أنه سيقوم بتربية بعض الأرانب .. ذهب للمتجر .. إشترى الأرانب و أحضرها معه إلى البيت ، و رغم الإهتمام ...... ماتت بعد يومين ..... لماذا !!؟؟ لا زال البحث جارياً .

في تجربة أخرى لهذا البيت مع الكائنات الحية حصلت والدتي على 8 نباتات كهدية من مدرستها ، قررنا جميعاً أن لا تواجه النباتات نفس مصير الأرانب و قمنا جميعاً بالإهتمام بها و رعايتها .. و بعد 7 أشهر ...... ماتت النباتات .... لماذا !!؟؟ البعض يرجح رواية (أن هذا هو عمر هذه النباتات الطبيعي) ... و البعض الآخر يميل لنظرية المؤامرة .

منذ بدأ إستضافتنا لهذه البسه قبل يومين و نحن في أخذ و رد .. هل تبقى ؟ أم نقوم بالتخلص من حمل مسؤوليتها بإعطائها لمن يجيد الإعتناء بها ؟ فبالرغم من إهتمامنا و سعادتنا بتواجدها إلا أننا لا نعرف عن البساس إلا ما نراه منها في الشوارع ، و لكننا حتى اللحظة نخوض مغامرة الإعتناء بها .

و عندما ذكرت أن الإعتناء بها مغامرة فأنا أعني حرفياً ما قلت فقد قلبت هذه المفعوصه كيان منزلنا ..

والدتي التي لا تحب أن يجلس بجوارها أحد أو يزعجها في أول ساعات الصباح خاااااصة خلال طقوس شرب الشاهي .. أصبحت تشرب الشاهي بيد و تمشط شعرها باليد الأخرى ، و بين الفينة و الأخرى تضع فنجان الشاهي لتطعمها بعضاً من جبنة كرافت .
البارحة تركت مقعدها الوثير في صدر صالة المنزل حتى تنام الست هانم بسه في ذلك المقعد .
البارحة خرجت من غرفتي لأجد والدتي التي لا يمكن أن تجلس في مكان لا يكون كل ركن فيه مرتباً بالمسطره لأجدها تجلس بإبتسامة واسعة في بحر من المناديل الممزقة .. لتجيبني عندما سألتها عن سبب هذه الفوضى بأن ((البسه سوت كذا .. خليها براحتها)) .
و قبل أقل من ساعتين حينما أستيقظت من نومها ذهبت لتطمئن عليها قبل أن توقظ أخي لإختباراته النهائية .

أخي الذي يعشق الإعتكاف بين جدران غرفته أصبح كالأهبل يجري في البيت ممسكاً بحبل و هي تركض خلفه ((الحمدلله على نعمة العقل)) .

خالة مريم ((تم تعريف خالة مريم سابقاً في ملاحظة "الزواج")) و بعد أن رافقت جدتي في المستشفى 3 سنوات قبل أن يأخذ الله أمانته ، و بعد أن إعتنت بجدي 7 سنوات في فراش المرض قبل أن يأخذ الله أمانته ، أصبحت الآن مسؤوله عن هذه العضوة الجديدة في عائلتنا الكريمة في الفترة الصباحية و حتى تعود أمي من عملها و أخي من مدرسته .

أما أنا ..... أخخخخ عليه أنا .... هاذي عاد بقولها بالعامية ، نمت الساعة 12 بالليل و قمت الله يكرمكم الساعة 3 بأروح الحمام  .. و كما ذكرت آنفاً أختنا في الله كانت نايمه من الساعة 8 على الكنبه حقت أمي ، فكانت فايقه و رايقة يوم شافتني فجاتني جري تلعب في رجولي ((فيه بينها و بين أصباع رجلي الكبير حالة عشق من طرف واحد)) ، فأنا إنكسر خاطري و غسلت وجهي و إستعديت للسهره و جلست ألعبها و أسولف معها حتى وقت كتابتي لهذه الأسطر ((ملاحظة : سواليفي معاها كان يتخللها بعض الكذب بس على خفيف)) .. و ذحين الساعة تقريباً 7 صباحاً و أنا مانمت إلا 3 ساعات و عندي دوام بعد ساعة .

و خلال لعبي معها جاءت خالة مريم .. و كما هي العادة خالة مريم تحب السواليف و طق الحنك فكانت تحكي لي بعض مغامراتها في أيام صباها مع البساس ثم قالت ..

خالة مريم : و الله يا عبدالله البساس مسؤولية .. ما تقدر تتكلم معاها و تخاف إنك ما تعرف إيش تحتاج ، ما يكفيني عندي بسه في البيت تجيبولي بسه هنا كمان ؟
أنا : ما شاء الله عندك بسه في البيت يا خالة ؟
خالة مريم : بنتي غدير .
أنا : ........ كيف يعني ؟
خالة مريم : بنتي غدير آخر العنقود .. عمرها 10 سنوات ، إنولدت معاقه .. ما تتكلم و عندها خلل في المخ .. حتى إنولدت بدون يدها اليمين .
أجلس معاها أكلمها .. ما أدري تفهم عليه و لا لا .. ما في بينا غير الإشارات ، بس الحمدلله أخوانها و أخواتها كلهم ينتبهولها .
أنا : ... الله يعافيها إن شاء الله يا خالة ، الصبر ، لكي و لها الأجر .

و الآن و بعد أن سلمت الأمانة لخالة مريم و عدت إلى عريني لكتابة هذه الكلمات .. مرت ببالي العديد من الأفكار ..

هل من الإنساني ما نقوم به بحق هذه المخلوقات .. هل من الإنساني أن نأخذها من بين أحضان والديها لنضعها في مكان نقرره نحن .. و مع أناس نقررهم نحن .. و نملي عليها ما نراه نحن مناسباً ؟

هل يعقل أن تكون كرة الفراء الصغيرة هذه سبباً في كل هذا التغيير في نظام عائلة مملة لا زالت تزاول نفس الطقوس التي كانت تزاولها قبل أكثر من عشرين عاماً بحذافيرها ؟

حاولت الإجابة على هذه التساؤلات و لم أجد لها سوى إجابة واحدة ...... عجبي .

ختاماً أرجو منكم مساعدتي في هذه المغامرة التي لا تزال في لحظاتها الأولى .. فبعد محاولات كثيرة فاشلة لتسمية هذه البسة  أحتاج لمساعدتكم .. أرجوكم .. سموا هذه البسة .

ملاحظة : لحد يسأل ليش اليوم كاتب بالفصحى ... يمكن تأثير البسه .