عبدالله عنده وظيفه (1)



 في الأيام الماضية جتني أسئلة كثير في تويتر عن الوظائف و الحياة العملية ، و طبعاً بما إني ماني مؤهل أتكلم عن هذا الموضوع من وجهة نظر علمية فقررت إني أكتبلكم تجربة شخصية يمكن تفيد الإخوان و الأخوات المقبلين على الحياة العملية .
كتابتي في هاذي الملاحظة بتكون مركزه على أول شهرين في وظيفتي الجديدة إلّي بدأت فيها من تاريخ 9/7/2011 و إلى يوم 9/9/2011.

طلبوني لمقابلة شخصية مع رئيس قسم التوظيف .. قابلته و قالي بنتصل عليك خلال أسبوعين علشان المقابلة الشخصية الثانية مع الشخص إلّي إذا ربي وفقك بيكون مديرك ، جاني إتصالهم ثاني يوم الساعه 10 الصباح و قالوا تعال اليوم علشان المقابلة الثانية .. وصلت الشركة قبل موعد المقابلة و دخلت للمبنى الخاص بالإدارة العليا .. أخذتني هيبة المكان و إحترافية العاملين فيه إلّي تعاملت معهم و أنا في الإنتظار .. و جلست أفكر في الخمسه وظائف إلّي إشتغلتها خلال الأربع سنوات الماضية لحد ما وصلت لهاذي المقابلة الشخصية في إدارة وحده من أكبر شركات المملكة .. ما أخفيكم إني حسيت بالرضا عن نفسي و جلست أستعد للمقابلة بترتيب أفكاري و بالدعاء .. لحد ما قلولي تفضل علشان المقابلة .

قبل ما أقابل المدير كان عندي تصور معين لشكله و عمره و أسلوبه .. دخلت و تفاجأت بشخص مختلف تماماً ، في أواسط الخمسينات .. جالس بدون شماغ و قدامه ولاعه من الولاعات الكبيره إلي ماليه السوق هاليومين و فنجان قهوه تركي و طفاية سجاير .

صورة الولاعة الكبيره

خلال المقابلة إكتشفت إني أتعامل مع مدير من نوع جديد علي شخصياً .. شخص له سنوات طويله في هاذي الشركه و من أهمية منصبه له في مدينة جدة لحالها 3 مكاتب غير مكتب الرياض .. و مع كذا لا زال على طبيعته الحجازيه الغير متكلفه .
عدت المقابلة على خير و خرجت من المقابلة و أنا سعيد بجملة ((أقدر أقولك إنك إن شاء الله معانا .. بيتصلوا عليك خلال الأسابيع الجايه مسؤولين التوظيف بخصوص تكملة باقي الإجراءات .. مبروك علينا و عليك)) .
ثاني يوم الصباح أتصلوا علي مسؤولين قسم التوظيف و قالولي تعال خذ عرض العمل .. و فعلاً رحت أخذت العرض ، و كنت تقريباً بنسبة 90% ناوي إني أوافق على العرض قبل حتى ما أطلع عليه .. لكن بعد ما شفته و فكرت فيه باقي اليوم و إستخرت إتخذت قراري إني أقبل العرض و أستقيل من وظيفتي الحالية ، و كانت النقاط إلّي فاضلت فيها بين وظيفتي الحالية و الوظيفة المعروضه علي هي ...

إستلمت العرض يوم الخميس الصباح .. و بعد صلاة العشاء إتصلت على مديري الحالي و أعطيته فكره عن الموضوع و طلب مني أزوره في البيت نتناقش في الموضوع يوم الجمعه .. و فعلاً رحتله و تناقشنا و إتفقنا على أساس إني أقدم إستقالتي صباح السبت .

رحت صباح السبت العمل .. دخلت عند مديري قلتله ((هاااااا ؟ كييييف الوضع .. أتوكل على الله و أبلغ رئيس القسم بموضوع الإستقاله ؟؟)) قالي ((إنطلقققق)) .. طبعاً هذا كله بالإنجليزي .. بس ترى هاذي ترجمه حرفيه .
رحت لرئيس القسم و بلغته بالموضوع و وريته العرض .. و بعد فاصل من السب و التعصيب قالي ((مدام مديرك موافق .. تنحرق إنت وياه .. روح بلغ الرئيس التنفيذي)) و برضه هاذي ترجمه حرفيه ، دخلت للراس الكبيره حقنا "الرئيس التنفيذي" و بلغته .. و بعد فاصل من العتب قالي توكل على الله .

خلال ساعه كنت موقع عرض العمل و راسله بالإي ميل للشركة الجديدة .. و موقع إستقالتي و مسلمها لمديري في وظيفتي الحاليه ، و كان الإتفاق على إني أداوم أسبوعين بعد الإستقالة و أبدأ مع شركتي الجديدة يوم السبت 9/7/2011.

أنهيت إجراءات الوظيفة الجديدة ((الكشف الطبي .. تدقيق الشهادات .. توقيع العقد)) خلال أسبوع .. و قبل موعد إستلامي للوظيفة بكم يوم كلمني مدير التوظيف و أعطاني عنوان المكتب و قالي تروح تداوم هناك يوم السبت الساعه 8 الصباح .. مديرك بيكون في إنتظارك.

قمت يوم السبت من الساعه 5 الفجر .. تجهزت و فطرت و روقت  و وصلت الشركه الساعه 8 إلا ربع .. مبنى فخم و مرتب .. بس لسه ما كان أحد موجود إلا موظفين النظافه .. إنتظرت في الإستقبال .

08:30 جا موظف الإستقبال .. قالي تبغى مين قلتله أبغى "أبو خالد" .. جابلي قهوه و قالي إنتظر .
09:00 بدأت أشوف الموظفين يجوا .
10:00 سالني موظف الإستقبال .. إنت مواعد أبو خالد ؟ قلتله يس .. قالي هو قالك 8 .. قلتله يس .. جبلي شاهي و قالي إنتظر .
11:00 أخذت كابتشينو و طلعت جوالي و شغلت النت و جلست أقلب في المواقع .
11:30 قالولي تفضل و دخلوني قاعة إجتماعات .. و جابولي شاهي .
12:00 أخييييييراً و بعد 2 شاهي و واحد قهوه تركي و واحد كابتشينو ... دخل واحد من رؤساء الأقسام عرفني بنفسه و قالي تفضل نأخذ جوله في الشركة .

أخذنا جولة و عرفني بالمكان و دخلني قاعة إجتماعات ثانية و أعطاني مفتاحها و قالي هذا مكتبك .. طالعت في القاعه و أنا مستغرب كيف هذا كله مكتبي .. و قبل ما أسئله قالي : ((هاذي القاعه إلي نبغى نأسس فيها الكول سنتر .. فإنت حتجلس فيها مؤقتاً إلين ما تتفق مع أبو خالد على الآليه و الخطه حقت تأسيس القسم و إذا كان بيكون لك مكتب منفصل أو بتستمر في نفس المكان)) ، جلس معي في القاعه و بدأ يعطيني فكرة عن الهيكل التنظيمي للشركة .. أو بالأصح للمجموعه "لأنها مجموعة قطاعات و ينقسم كل قطاع إلى شركات .. و هاذي كلها تحت إدارة الإدارة العامة إلّي أنا توظفت فيها" .. أكثر شي صدمني يوم بلغني إن المجموعه تحت إدارتها تقريباً فيه 150 شركه .. و عدد الموظفين الإجمالي حوالي 200,000 و بيوصل إلى 300,000 خلال سنه و نص  .
كانت مجرد معلومات عامه عن الشركه أو زي ما يقولوا جلسه تعريفيه أو Orientation .. إستأذني بعدها و وضحلي إنه مديري موجود في أحد المكاتب الثانيه و إذا جا المكتب عندنا هو بيقدر يفيدني أكثر بالنسبه لخطته للقسم إلّي أنا مسؤول عنه ، جلست باقي اليوم في مكتبي أو قاعة الإجتماعات إلي تعتبر مكتبي لا أحد جاني و لا رحت لأحد .. خلص دوامي .. رحت بيتنا .

ثاني يوم .. وصلت الصباح و جاني موظف تقنية المعلومات "IT" و سوالي تحويلتي و سلمني إي ميلي .. و قبل نهاية اليوم وصلتني كروت العمل مع مراسل المكتب الرئيسي .. دورت مديري و برضه ما كان موجود في المكتب عندنا .. و إنتهى اليوم بدون ما أحد يكلمني أو يمر عليه ، مر ثالث يوم زي اليومين إلي قبله .. لا جديد .. و لا مدير ، رابع يوم جبت معي كتاب و صرت أقرى فيه علشان أسلي نفسي من كثر ما طفشت من النت ، خامس يوم بدأت أحاول أحتك بالموجودين بإني أسلم عليهم أو أستهبل و أستفسر عن أشياء أعرفها زي مكان الحمام "اكرمكم الله" أو الطابعه أو أوراق التصوير و خلافه من الأسئله الفاضيه .. و رحت جلست عند رئيس القسم إلّي إستقبلني في أول يوم لي في الوظيفة لتسلية نفسي .

و إنتهى أول أسبوع بدون ما أقابل مديري و بدون ما أسوي أي شي غير إني أقرى كتابي و أتصفح الإنترنت و أشرب شاهي و قهوه ، و كان لي ملاحظات مبدئيه على بيئة العمل في أول أسبوع .. منها :

• التأخير اليومي للموظفين .. و ما أقصد تأخير ربع ساعه لاااااااا بالساعه و الساعه و نص .
• عدد الموظفين الكبير و الواضح من وجيههم إنه ما عندهم لا شغله و لا مشغله .
• حرص الإدارة الكبير على راحة الموظفين لدرجة إنه كل 30 متر فيه غرفه فيها طابعه و آلة تصوير و فاكس هذا غير التجهيزات الفخمه للمكتب بشكل عام .

و من البدايه كنت حاط لنفسي قائمة أهداف لازم أحققها في بداية عملي في هاذي الشركة .. و هي أهداف برأيي لازم كل موظف يركز عليها من يوم ما يبدأ في أي وظيفة .. و هي ...

• تكوين علاقات طيبه مع جميع الزملاء .. مو بس بهدف تكوين صداقات أو زيادة عدد الفولورز "متأثر بتويتر" لكن برضه لأنها مهمه جداً للنجاح في العمل .. و للي يحب يعرف عن هذا الموضوع أكثر من ناحيه علميه يقدر يبحث في جوجل عن "التنظيم غير الرسمي" أو من اليسار لليمين "Informal organization".
• إثبات نفسي كشخص يعتمد عليه من أول يوم بأني أنجز الأمور بشكل صحيح من أول مره .. و هاذي برضه مرتبطه بمبدأ إداري ما أعرف إسمه بالعربي صراحه بس بالإنجليزي يسموه "Do It Right The First Time" أو إختصاراً (DRIFT) .
• الشيء الثالث و المهم جداً .. إدارة التوقعات أو بحكم إني متفلسف عليكم بالإنجليزي كثير في هاذي الملاحظة "Expectations management" .. و أقصد بالعامي إنك مو كل ما قال أحد شي تقوله لا لا لا أنا بأسويه و لا أنا أعرف و لا خلاااص خليه عندي و لا ما عجبني شغلك و بأرجع أعدل عليه .. حاول تفهم إيش إدارتك متوقعه منك و أنجز العمل المتوقع منك بشكل أفضل من المطلوب "حبتين" لا تحاول تحط كل شي تعرفه في المهام الأولى لك بالذات لو ما كان مطلوب منك .. بحيث إنه يبقى عندك شي تبهرهم فيه في الفتره الجايه .
• و أخيراً و الشي الأهـــــــــــــــــــــــــم "سد حلقك" أو بالفصحى "أســكــت" .. لا تجلس تعلق على كل شي و لا تجلس تتفلسف و تنصح حتى لو كانت نصيحتك في محلها لأن هذا أقرب طريق علشان يمسكوك الباب .. مثال ...
  واحد جالس يعلمك كيف تسوي تقرير في الإكسل .. و حسيت إنه طريقته بدائيه و تعرف تسوي أحسن منها .. لا تقوله : "دقيقه أوريك طريقه أحسن" أو "لا لا طريقتك مره طويله" خليه يكمل شرحه و بعدين إنت سويه بالطريقه إلي تشوفها مناسبه و لو سألك وريه طريقتك .. لأنك لو تفلسفت عليه من البدايه بيقول "مدام هو شايف نفسه فاهم و أحسن مني .. طز فيه .. خليه يدبر نفسه" و بيبطل يعلمك أي شي .. و طبعاً بكره بيكلم أصحابه في المكتب و بيحكيهم و كلهم بيجتمعوا عليك بالذات لأنك موظف جديد و تعتبر لا زلت "دخيل" بينهم .

الزبدة :

• إختيارك للوظيفة لازم يكون مبني على أسس .. و أهم شي إنه يكون فيها فرصه لتعلم شي جديد .
• لا تخرج من وظيفه إلا و إنت تارك أثر طيب عند الكل .. يمكن بكره تحتاجهم .. و مثل ما ذكرت قبل كذا في ملاحظة ((أنا يصير مديري هندي "يخسي" 2)) أنا إشتغلت في شركه و تركتها .. و رجعت مره ثانيه و يمكن ما كانوا بيرجعوني لو ما كنت تارك أثر طيب .
• إذا إستلمت وظيفه جديده لا يجيك الإحباط من الإنطباع الأول "زي جلستي في الإستقبال 4 ساعات أو عدم مقابلتي لمديري أسبوع كامل" ... أصبر .

إنتزرونا في الحلكة الكادمة مع أحداس جديده من مسلسل ((عبدالله عنده وزيفه))