04‏/09‏/2011

محمد و مها و الجنس الآخر


بداية .. هاذي الملاحظة ممكن تكون تكملة في إتجاه مختلف شوي لملاحظة كتبتها قبل فترة بإسم ((أعرفها من عبايتها)) .

إِتصَلَت .. رديت .. سألتني عن شغله .. جاوبت ، دخل هو مكتبي .. سمعني قلت "إن شاء الله يا أخت ...." إرتفعت حرارة الغرفة و قفل باب المكتب و جا جلس جنبي إلى ما أخلص المكالمة .. خلصت ..

هو : عبدالله .. هاذي سهام إلي من الإدارة العامة
أنا : "أدري في قرارة نفسي وين هذا الحوار بيوصلنا" إيوه
هو : أففففف يا أخي البنت هاذي جنااااااااان .. عليها صوت يعور القلب
أنا : معليش يا أبو حميد .. ترى ما أحب الكلام هذا في العمل .. هاذي زميلتنا و ما يصير كذا ، بعدين تعال هنا .. مو تقول دوبك متصالح إنت و حرمتك و مرجعها من بيت أهلها ؟ يا أخي صيع مع حرمتك و خلي بنات الناس في حالهم
هو : "زعلان إني شديت معاه" أصلاً من يوم ما شفتك قلت عليك معقد

من بداية 2007 دخلت الحياة العملية .. و من سوء حظي كانت كل الشركات إلي أشتغلت فيها تجبرك يكون فيه إحتكاك بين الجنسين ، و يمكن بسبب جيناتي أو تربيتي ما عمري كنت من النوع "الكلح أو من النوع إلي يقدر يتواصل بسهوله مع الجنس الآخر فتعودت أخلي عيني في الأرض من يوم ما أدخل الشركة إلين ما أوصل مكتبي و إلين ما أطلع منه .. و ما أكلم وحده إلا إذا هي كلمتني ، صح كنت أشوف مشرفي يستخدم تحويلته أكثر الوقت لمعاكسة البنات في القسم النسائي و صح كنت أشوف بعض الزميلات مستغلين الموضوع هذا و يزيدوا جرعة المياعة في مقابل مميزات وظيفية ما أحلم بها أنا و سكسوكتي .. و صح كنت أشوف بعض الزملاء ينتظروا البنات عند المدخل علشان توزيع الإبتسامات و البصبصه .. بس أنا كان كل همي راتبي ينزل آخر الشهر و ما تكون الحركات هاذي سبب في إنه ينقطع عني .. و على قول المثل "صحن تأكل منه .. لا توصخه" .

من وظيفة لوظيفة و من سنه لسنه خسرت زملاء و زميلات كثير بسبب هذا الخلط بين الحياه العمليه و العلاقات .. واحد إنفصل من العمل علشان أخذ رقم جوال موظفه من إي ميلها و إتصل عليها يعاكسها .. و واحد إنفصل علشان كل يوم بعد نهاية الدوام ينزل ينتظر الموظفات عند المدخل .. و وحده علشانها كانت ترسل مسجات حب و غزل لمدير من المدراء .. و غيرهم كثير .. بس السؤال إلي يطرح نفسه .. ليش كذا ؟ و إيش معنى عندنا بالذات ؟

مشكلتنا كمجتمع سعودي إننا من يوم و إحنا أطفال ما تعلمنا نتعامل مع الجنس الآخر .. الواحد يصير عمره 13 سنه تكون كل صِلاته بأي كائن من الجنس الآخر مـــعـــدومـــه .. في المدرسة .. في الشارع .. في الأماكن العامة .. ما في أي تواصل بين الجنسين و ما أقصد بكلمة "تواصل" جلسة طق حنك و مسخرة و قلة أدب .. أقصد التواصل بضوابط .. لا يوجد .. صفر .. مــــعــــدوم .

أذكر قبل كم سنه كانت فيه مجموعه جديده من الموظفين .. طلبت منهم يروحوا غرفة التدريب علشان الجلسة التدريبية حقت "مهارات الإتصال" و بلغتهم إن التدريب بيكون عن طريق المدربة "مها" .. قام واحد منهم و سحبني على جنب ..

هو : معليش أستاذ عبدالله .. ممكن إنت تسويلي التدريب ؟
أنا : ليش ؟
هو : صراحه ... ما أتعودت أخذ تدريب من حرمه
أنا : لا تشيل هم ، هاذي مدربة لها خبره و بتستفيد منها كثير ، إنت بس أجلس ساكت و أسمع إيش تقول .. و لا حتى تطالع فيها
هو : طيب .. خلاص خلاص ما يحتاج تدريب .. خليني أشتغل على طول .. أنا أدبر نفسي
أنا : لا ما ينفع لازم تأخذ التدريب هذا و لا ما أقدر أخليك تستلم الوظيفة .. إسمع كلامي و لا تشيل هم

حضر الجلسه التدريبية و عدى الموضوع على خير .. بس من ثاني يوم صارت سالفته هو و باقي الموظفين ..

الأول : يا أخي مها هاذي فاهمه و تدريبها جيد .. و حلوووه .. صاروووخ
الثاني : ما هي متزوجه .. صح ؟
الثالث : لاااا ما أظن .. يبغالي أروح أخذ عندها تدريب مره ثانيه هي هي هي هي

و بدأت معاهم من ثاني يوم مسلسل الأطفال الشهير ( يا بابا عيب .. يا حبيبي هاذي موظفه معانا ما يصير كذا .. يا شاطر إحترم نفسك) إلين ما واحد طفش مني و من تسكيتي له و للبقيه و رد عليه ...

هو : يا أخي إنت إشلك شغل .. مره تغار يعني ؟ طز فيها .. ما همتني .. أعرف أحسن منها
أنا : يا أخي الموضوع مو مسألة أحسن منها أو أسوء .. ما ينفع تتكلم عن زميله في العمل بهاذي الطريقه .. عيب و غير مقبول في مكان العمل
هو : أنا ما يهمني .. أنا ما أخاف من أحد ..

و طبعاً كانت نتيجة هذا الكلام إنذار خطي بعدم تكرار قلة الأدب هاذي .. و إعتذار لي و لباقي الموظفين عن هذا الموقف .
 
بعد حوالي 6 أشهر من "التواصل بقيود" مع الزميلات في مكان العمل .. لاحظت إن أكثر الموظفين إختلفت عقليتهم و صار عندهم نوع من الفهم إن الانثى في العمل ما هي "وجه حسن" لكنها "زميله" لها خبرات و معرفه و طموح و زيك زيها .

محمد إلي حكيت عنه في أول الملاحظة إلي كان بيموت و أنا أكلم وحده من الزميلات بالتليفون .. كان يحكيني قبل أيام عن خلافه مع زوجته و كيف تركت البيت و كان يحكيلي كيف رجعت و إيش دار بينهم من حوار بعد ما رجعت ...

هو : أول ما رِجعت البيت .. جلّستها و قلّتلها "أنا ما أقصر معاكي .. إنتي بدوني ما تقدري حتى تروحي تجيبي دوا من الصيدليه" "لو بتروحي حتى سوبرماركت تقضي للبيت ما تعرفي" "لو تروحي مستشفى ما تعرفي تمشي من قسم لقسم و تخلصي أمورك"
أنا : و هي من جد كذا ؟
هو : يا رجال ما تعرف حتى تسأل البياع في المحل هذا بكم

زعلت إنه هذا النوع من الحوار يكون في جلسة صلح بين زوج و زوجته .. و إلي زعلني أكثر إنه زوجته "فعلاً" كذا .. هل العيب فيها ؟ و الله ما أتوقع .. العيب في التربيه و البيئة .
خجل البنت و حياها هو تاجها و هو إلي يحليها .. لكن الحيا و الخجل هذا مو المقصود فيه إنها ما تقدر حتى إنها تقضي أمورها الضرورية ، كنت أستغرب يوم أسمع إنه وحده توفى زوجها و بعد وفاته بكم شهر تزوجت أخوه .. لكن حسب ما سمعت السبب الغالب لهاذي الظاهرة هو أن الوحده تكون ما تعرف تقضي حتى حاجاتها و حاجات عيالها الأساسيه فيتزوجها أخ الزوج علشان يعاونها و يوقف معاها .

يوم 28 رمضان رحت معرض إكسترا في جدة مع كم واحد من الشباب نبغى نشتري مكنسه و منقي هوا و خرابيط .. طلعنا الدور الثاني و سألنا الموظف عن المكانس .. و الموظف يتكلم شفت وراه وحده تطالع فينا و تبتسم  و أنا طبعاً على طووول قلت هاذي أكيد ما أبتسمت إلا لسبب من سببين .. يا إما إنها أعجبت بوسامتي "كح كح .. فعلا" .. أو إنها كانت سعيده إنها أول مره تشوف على الطبيعه كائن نادر من الكائنات إلي يجيبوها في قناة ناشيونال جيوغرافيك ، سويت نفسي و لا كأني شفتها ... الثقل صنعه .
دقايق و جتنا و قامت تتكلم عن المكنسه و عن مميزاتها ... و إتضح إنها موظفة في المعرض و الإبتسامة مجرد ترحيب بالعملاء ، عجبني جـــــداً فهمها للمنتجات و معرفتها بالتفاصيل .. يعني قبل ما تجي سألنا الموظف عن الفرق بين مكنستين وحده بـ241 و الثانية بـ275 و قالنا إنه بس فرق اللون .. هاذي حمرا و هاذي زرقا ، و لمن جت هي وضحتلنا فرق القوة و المميزات و خلافه ، تذكرت و هي تتكلم عن المكنسه مقوله قرأتها قبل فترة : (في العمل .. المرأة تؤدي ضعف أداء الرجل حتى تنال نصف التقدير) .
عجبتني لفتة تشغيل النساء في المعرض .. و إلي عجبني أكثر إختيارهم للسيدات .. كلهم بلبس محترم و محتشمات و واضح إن لهم خبرة سابقة في خدمة العملاء ، و بعد ما إشترينا مكنستنا و معقم الهوا حاولت أتأمل في أسلوب تعامل باقي السيدات مع العملاء في المعرض و لاحظت بشكل وااااضح إنه الكثير يتجنب حتى إنه يتكلم معاهم .. يعني مثلاً واحد كان يدور تلفزيون و يتلفت يمين يسار يدور موظف من موظفين المعرض يبغى يسأله عن شي .. أول ما جاتله وحده من الموظفات قالها "لا شكراً" و مشي .. و أتوقع حتى إنه بطل يشتري .

برأيي المشكلة إلي صايره في مجتمعنا سببها هو الفصل و العزل التـــــــــــام بين الجنسين لدرجة تخلي الواحد يكبر و عنده تصور و قالب محدد للجنس الآخر يا إنه مبني على التلفزيون أو على إحتكاكه بأهله ، مثلاً ...
  • يجي واحد أربع ساعه و عشرين و هوه جالس قدام ميلودي و غنوه و قنوات المنحرفين هاذي يقولك : (البنت أهم شي شكلها .. تلبسلي كذا .. شعرها كذا)
  • أو يجيك واحد طول عمره ما شاف غير أمه الله يعطيها العافيه و هيه تحارب بين تربيته و بين الإهتمام بأبوه و يقولك : (البنت أهم شي تعرف تطبخ و تكوي و تكنس)
  • و لا تجي بنت متعوده على دلع أبوها و تقول : (الرجال أهم شي يكون دخله ممتاز .. يسفرني .. و يمشيني .. و يشتريلي فساتين)
  • و لا وحده ثانيه من حقين التورنت و الأفلام الرومانسيه تقول : (الرجال لازم يكون زي إدوارد حق فلم توايلايت .. أبغاه يجيني على حصان أبيض زي أحمد رمزي)
أي أحصنه و طبخ و تكنيس !!! ما في وزن للتفكير .. للخبرات .. للمؤهلات .. للأصل و الفصل ؟ يعني بتعامل إلي متخرجه من الثانوي زي إلي عندها دكتوراه ؟ يعني بتعامل إلي طول عمرها تسافر و تروح و تجي زي إلي عايشه في قريه و عمرها ما راحت تعيّد في مدينة كبيرة ؟ و لا بتعامل إلي عندها خبره عمليه 10 سنين زي إلي ما عمرها دخلت حتى دورة إنجليزي ؟

الحل ... جينا للمهم ... برأيي الحل هو في مبادرات زي حقت إكسترا يوم إنهم وظفوا سيدات في معرضهم .. الحل في دعم الإتصال بين الجنسين بحدود و ضوابط ، و طبعاً علشان تقدر تحط الحدود و الضوابط لازم تدعم الناس الصح .. يعني لا تجيب وحده تلبس عبايتها كأنها الشرشف حق سوبرمان و لابسه تحت العبايه جنز ضيق و كاشفه شعرها و تقولي بأشغلها في معرض و لازم الناس تتعامل معاها بإحترام .. و برضه حتى لو كانوا السيدات محتشمين و في قمة الإحترام لازم يكون فيه حمايه لهم من ضعاف النفوس .. و محد ينكر إن الفئه هاذي موجوده حتى لو كانت كل يوم تقل .
و برضه فيه جزء ثاني مهم جداً للحل و هو إنه يكون فيه تثقيف للجيل الجديد بداية من المدرسه عن العلاقات الإجتماعية .. يعني بلاش تسوولهم مادة تسموها "التربية الإجتماعية" على الأقل كل فصل دراسي سوولهم محاضرة عن العلاقات الإجتماعية و أسلوب التعامل مع الناس بشكل عام و الجنس الآخر بشكل خاص .

إذا الواحد تعامل بشكل مستمر مع الجنس الآخر مع الوقت بيفهم إنه ما في فرق بين الجنسين .. كلهم لهم عقل و تفكير و المفروض يكون فيه إحترام و تقدير لهذا الشيء ، و أتمنى يجي يوم أقدر أقول فيه إسم أنثى في مكان العمل أو في جلسة شباب بدون ما أشوف العيون توسع و بدون ما أسمع السؤال المعتاد (أي وحده هاذي ؟ الشقرا و لا أم حبة خال ؟) .

و أخيراً .. أسمحولي أبلغكم إنه و بكل فخر فكرة هاذي الملاحظة مسروقة من تويته للأخ ماجد الحمدان مع بالغ الشكر و التقدير .



الزبدة :
  • قمة الغباء إنك تعتبر نفسك أفضل من شخص معين بناء على الجنس فقط لا غير .
  • إذا تشتغل في مكان فيه موظفين من الجنسين يرحم وااااالديك تذكر قول الله تعالى : ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ) الآية (النور:30-31) .
  • حاول تعامل الجنس الآخر - و الناس بشكل عام - بناء على شخصياتهم مو بناء على تصور سابق عندك أو بناء على المظهر .
  • حاول تكون جزء من الحل بإنك تدعم المبادرات إلي مثل مبادرة إكسترا بإنك تكون مثال لحسن التعامل .
  • يا زميلي في العمل .. يا محمد .. أعرف إنك ما بتقرى هذا الكلام لكن إسمحلي أقولها لكل من يقراه .. أكرهك يوم تتكلم عن أي أنثى .. تحسسني إنك تتكلم عن قارورة كوكا كولا .

... عجبي .