03‏/01‏/2012

إعادة تدوير الوافدين

 
الجميع يهمه تكوين فرص عمل أكبر للمواطنين .. إستبدال الوافدين بالمواطنين .. تدريب المواطنين .. تأهيلهم لتولي مناصب قيادية ، لكن في نفس الوقت أتوقع إن الجميع يتفق إن الموضوع هذا ما يصير في يوم و ليلة خاصة إننا كدولة - و قد يعم هذا الكلام باقي دول الخليج - حالياً نعتمد على الوافدين بشكل كبير و التفكير في إستبدالهم أو الإستغناء عنهم بشكل فوري أو بدون خطط طويلة الأجل ممكن يأثر علينا كمجتمع بشكل كبير .
أسمحولي أركز في هذه الملاحظة على الشركات بشكل خاص و سلوكها في إستقطاب و إستخدام الوافدين ..

حكومتنا الله يعطيها العافية ما قصرت .. سووا نطاقات .. قللوا مدة تجديد الإقامات .. قللوا عدد التأشيرات هذا كله مجهود في الإتجاه الصحيح ، لكن الحل برأيي هو في معالجة أصل المشكلة .. ليش نحتاج نزيد عدد الأجانب من الأساس ؟ و إذا نحتاج نزيد عددهم .. ليش نخصصلهم هاذي الميزانيات الضخمة ؟

حسب فهمي .. مبدء إستقدام الأجنبي هو (لعدم توفر الخبرات و المهارات المطلوبة في المواطنين فيضطر صاحب العمل لإستقطابها من الخارج) و بناء على هذا المبدء إرتفاع تكلفة هاذي الخبرات و المهارات مبرَرَ و مقنع ، لا بد أن تكون المميزات مغرية لأصحاب المهارات حتى ينتقل من بلده ، السؤال هنا .. هل يتم تحديد هاذي المميزات بعد دراسة للبيئة و البلد الموجودين فيها أصحاب هاذي الخبرات أو بناء فقط على دراسة بيئتنا المحلية ؟

مثال ...
مديري سابقاً .. هندي الجنسية ، يوم جابته الشركة من الهند كانت خبرته 12 سنة و له سجل نجاحات رائع و مسؤول عن أكثر من 4 آلاف موظف .. كم كان راتبه في الهند ؟ 5000 ريال سعودي ... بكم وظفته الشركة ؟ وظفته براتب 25000 ريال طبعاً بالإضافة للتذاكر السنوية و السكن و المكافئات.
مو كان أولى لو إن الشركة درست وضعه و مميزات وظيفته في بلده و بناء عليه قدمتله عرض الوظيفة بدل ما تدرس مميزات الوظيفة الشاغرة عندها و تقدم العرض الوظيفي بناء على الوظائف المماثلة داخلياً ؟
هل كان بيرفض لو قدمتله الشركة عرض براتب 15000 ؟ بعد سنة ما بيطلب زيادة ؟ ما كان أولى إني أقلل تكلفته و أستفيد من باقي المبلغ في توظيف مواطنين حديثين تخرج أو حتى مواطنين بخبرة متوسطة ؟

عندنا في المكتب 3 عمال من الجنسية الفلبينية للشاهي و القهوة و النظافة .. راتب الواحد فيهم 1200 ريال بالإضافة للسكن .. مؤهلاتهم :
       الأول : بكالوريوس تقنية معلومات .. تخصص برمجة + شهادات في البرمجة .
       الثاني : بكالوريوس قانون إجرامي (Criminology) .
       الثالث : دبلوم برمجة .

قبل فترة كنت أتكلم مع مدير قسم تقنية المعلومات في الشركة و بلغني إنهم في صدد توظيف مبرمجين و إشتكى من إرتفاع رواتب المبرمجين السعوديين أصحاب الخبرة و ذكرلي إنهم ناويين يوظفوا 2 من الخارج و الميزانية تقريباً 8000 ريال للمبرمج الواحد ، تذكرت العمال الموجودين عندنا و بلغته إن 2 منهم تخصصهم برمجة و حتى لو ما كانوا مناسبين 100% يقدر يستغلهم بزيادة راتب بسيطة و يستغنى على الأقل عن إستقدام واحد من الخارج ، يعني يوظف 2 من العمال و يستقدم 1 بدل 2 ، رحب بالفكرة و قالي إنه بيدرس الموضوع .
بعد أسبوعين دخل مدير القسم مكتبي و عرفني على المبرمجين إلي تم إستقدامهم من أحد الدول العربية ، سألته بعدها عن سبب عدم إستخدام أحد من العمال .. تعذر بإنهم حالياً على رأس العمل و ما يعرفوا عربي .

يعني حالياً إجمالي رواتب المبرمجين الموجودين عنده (8000+8000) 16000 ريال .. مع إنه لو زاد راتب العمال و إستخدمهم عنده و إستقدم مبرمج واحد بس "بخبرة أكبر و بحكم إنه يعرف عربي" كان الإجمالي بيصير (2000+2000+8000) 12000 ريال .. يعني الفرق 4000 ريال كان ممكن تستفيد منها الشركة في توظيف مواطن .

و المضحك المبكي .. إنه بعد أقل من أسبوع من إستقدام المبرمجين جاني واحد زميلهم في قسم تقنية المعلومات يشتكي من واحد منهم .. يقول إنه سأله عن تاريخ نزول الرواتب و نظام الزيادات في الشركة .. يأخي كمل شهر في الوظيفة على الأقل بعدين أسأل .

و نهاية .. النقطة الأخيرة إلي تكلمت عنها و المتعلقة بالعمال و الإستفادة منهم بنقلهم لوظيفة أخرى بما إن مؤهلاتهم الدراسية تسمح هو مبدأ معروف و موصى بإستخدامه في كل دول العالم - و يمكن حتى الكواكب الأخرى - و يعرف بمسمى (التوظيف الداخلي) أو من اليسار لليمين (Internal Recruitment) و هو بإختصار : الإعلان عن الوظائف الشاغرة داخل المنشئة و إعطاء الأفضلية للموظفين الحاليين لشغلها قبل عرضها خارجياً ، و من أهم مميزاته :
  • أرخص ، بحكم إن زيادة نسبة معقولة على الراتب الحالي تعتبر كافية للموظف .
  • يزيد من ولاء الموظفين ، بما إنه بيشعر بالتقدير و توفر الفرص و الإهتمام به في شركته الحالية .
  • أسرع ، لعدم حاجته لإجرائات توظيف طويلة و معقدة و يعتبر مجرد نقل داخلي .
  • أقل خطورة ، لأن الموظف عارف البيئة و المكان و الأشخاص و خطورة تركه للعمل خلال الفترة الأولى في الوظيفة أقل .
  • و أهم نقطة و تتعلق ببيئتنا خاصة .. الحاجة لإستقدام المزيد من الأجانب بتقل بشكل كبير و المبالغ التي تصرف عليهم بتقل بشكل أكبر و هذا يتيح المجال لإستخدام المبالغ المدخرة في توظيف أو تحسين أوضاع المواطنين .

الزبدة :
  • لا بد إن الشركات قبل ما تستقدم .. تبحث داخلياً يمكن تلقى مواطن عنده المؤهلات المطلوبة .. أو على الأقل أجنبي مؤهل و موجود عندها بدل ما تزيد عدد الوافدين و هي ما هي محتاجه.
  • إذا كان ما في حل غير الإستقدام .. لازم إن الشركات تدرس مميزات الوظيفة الشاغرة في البلد إلي ترغب في الإستقدام منها و تجهز العرض الوظيفي بناء عليها .
  • أساس الشركات و أهم مواردها الأفراد .. و للحصول على الأفضل لا بد من وجود قسم توظيف قوي و قادر على البحث و الإستقطاب .. و في الأغلب قوة قسم التوظيف تتناسب عكسياً مع عدد الوافدين و مجموع الرواتب .
... عجبي