زرت أحد الأقارب في شقته التي إستئجرها حديثاً ، و حين أبديت إستغرابي لرؤية الثلاجة تأخذ حيزاً من غرفة المعيشة عرض أن يأخذني في جولة سياحية على الشقة ، أربعة غرف متوسطة الحجم و غرفة معيشة بنفس حجم بقية الغرف و حمامين بالكاد تتسع لمرافقها الأساسية و مطبخ بنظام (البار الأمريكي) لا يتسع للفرن و الثلاجة معاً .. و هذا سبب وضعه للثلاجة في غرفة المعيشة ، تسألت عن الإيجار فأبلغني أنه و بحكم الصداقة التي تربطه بمالك المبنى فقد قام بتأجيرها له بمبلغ 30,000 ريال سنوياً (2500 ريال شهرياً) .
بالكاد أخفيت ضحكتي و أنا أتأمل الثلاجة و أتذكر تصريح وزير الإقتصاد و التخطيط د. محمد الجاسر : (الطبقة الوسطى لم تنكمش ، الذي زاد هو طموح هذه الشريحة الذي أصبح عالياً جداً) .
حسب آخر الإحصائات التي نشرتها الصحف المحلية يبلغ متوسط دخل المواطن السعودي 6400 ريال .. و لنفترض جدلاً أنه 10,000 ريال ، و المصاريف أدناه هي "الحد الأدنى بعيداً عن التنظير و المثاليات" للمصاريف الإعتيادية للأسرة السعودية الصغيرة متوسطة الدخل..
- سائق أو خادمه 1000 ريال
- فواتير 1000 ريال
- إحتياجات المنزل 1000 ريال
- مصروف زوجه 500 ريال
- إيجار و أقساط 2500 ريال
فبإفتراض أن الزوجة ستكتفي بـ500 ريال كمصروف شهري و أنه لا يوجد أبناء في مدارس خاصة و أن الأسرة لا تحتاج لسائق و خادمة في نفس الوقت أو أحدهما بدوام كامل و أن رب الأسرة غير مسؤول مادياً عن أحد والديه أو إخوانه الأصغر سناً و أن إجمالي الإيجار و الأقساط لا يتعدى 2500 ريال .. ستكون المصروفات الإعتيادية 6000 ريال .
لو - و العياذ بالله - فكر رب هذه الأسرة الصغيرة في شراء الشقة التي يسكنها حالياً بالإيجار و طلب منه مالك المبنى 600 ألف ريال ، و إتفق معه على سدادها بأقساط شهرية "دون أي فوائد" بكامل مدخراته من راتبه الشهري بعد إستقطاع المصاريف المذكورة سابقاً "4000 ريال" فسيحتاج رب الأسرة لأكثر من 12 سنة لسداد كامل قيمة الشقة .
فما بالكم لو تكلمنا بواقعية أكثر و أخذنا بالحسبان الفوائد البنكية على القروض العقارية و الدخل الذي لا يتعدى 7000 ريال لأغلب المواطنين ؟!
فما بالكم لو تكلمنا بواقعية أكثر و أخذنا بالحسبان الفوائد البنكية على القروض العقارية و الدخل الذي لا يتعدى 7000 ريال لأغلب المواطنين ؟!
أجرت جريدة الشرق الأوسط دراسة عام 2001 وجدت من خلالها أن الأسرة السعودية تحتاج إلى إنفاق 51% من دخلها الشهري لمدة 20 عاماً لسداد القرض العقاري الذي يسمح لها بإمتلاك وحدة سكنية معاصرة ، و بالتأكيد و نتيجة للتضخم فقد إرتفعت أسعار العقار بشكل فاحش منذ إجراء هذه الدراسة قبل 12 عاماً ، و بالرغم من هذا التضخم الغير مبرر في سوق العقار ذكرت دراسة حديثة أجرتها جريدة الرياض و نشرت نتائجها قبل ما يقارب الشهر أن دخل المواطن السعودي إنخفض مقارنة بثمانينات القرن الماضي و السبب الرئيسي لذلك هو التضخم السكاني ، و ذكرت الدراسة أن 78% من المواطنين لا يمتلكون منزلاً و يعيشون في مساكن مستأجرة أو يتشاركون السكن مع ذويهم .
الحل ..
إن سألت عن الحل فسيرشدك الكثير لدورات و محاضرات ريادة الأعمال و ضرورة تنويع مصادر الدخل و بدء مشروع جانبي يدر عليك مبلغاً شهرياً يساعدك في مواجهة تحديات الحياة ... إلخ - عفواً - .. إلى ما لا نهاية ، و بالرغم من إتفاقي التام بنسبة 132% مع وجهة النظر هذه إلا أنني ضد مطالبة جميع المواطنين بالعمل الجانبي و ريادة الأعمال مقابل إمتلاك مسكن ، فالناس تختلف في قدراتها و مؤهلاتها و ظروفها لدرجة قد لا تسمح لأكثر من نصفهم ببدء مشاريع تجارية أو تنويع مصادر دخلهم .. هل هذا يعني أنهم غير مستحقين لإمتلاك سكن في وطنهم ؟
و قد تطلب منك فئة أخرى أن "تحمد ربك لأنك أحسن من غيرك" .. و بالتأكيد نحمده على السراء و الضراء و بالفعل نحن إقتصادياً أفضل بمراحل من الكثير من الدول و نعيش في رفاهية يحلم بها الكثيرون ، لكن هل نحن في المستوى المعيشي الذي يفترض أن نكون فيه مقارنة بالدول التي تماثلنا في مصادر الدخل و التركيبة السكانية ؟ حتى أولئك الذين يحلمون بالرفاهية التي نعيشها يمتلكون منازلاً في أوطانهم !
والدي حفظه الله و بالرغم من طفولته اليتيمة و تحمله مسؤولية والدته "جدتي" و ستة إخوة يصغرونه السن و بالرغم من تعليمه المحدود "الثانوية العامة" إلا أنه إستطاع بناء منزل قبل أن يبلغ الخامسة و الثلاثين من عمره و قام بذلك إعتماداً فقط على راتبه الشهري دون عمل جانبي ، و أنا الآن على مشارف الثلاثين و بتوفيق من ربي أنعم بالعيش في ظروف أحسن بكثير من تلك الظروف التي عاشها والدي عملياً و علمياً و أسرياً و أدخر قدر المستطاع منذ أكثر من ستة سنوات و لا أزال لا أملك ما يكفي لشراء ملحق سائق في إحدى العمائر .
أزمة السكن لم تعد أزمة يستطيع المواطن مواجهتها بالمزيد من المجهود في عمله أو المزيد من الإدخار ، أزمة السكن أصبحت مشكلة وطنية لا يمكن حلها إلا بالتدخل الحكومي الصارم فالمواطن الذي لا "يملك" سقفاً يستطيع الموت تحته بسلام غير قلق على مستقبل أهله من بعده .. ليس كامل المواطنة ، و ما الوطن إن لم نمتلك به ذلك السقف ؟
و بين مطرقة التضخم و سندان إنخفاض الدخل لا يملك المواطن سوى أن يقف تحت سقف بيته المستأجر إحتراماً لتصريح الدكتور الجاسر عن إرتفاع سقف طموحات الطبقة الوسطى و يهتف واضعاً يديه على خصره (لا يا شيخ ؟؟).
... عجبي .
2 التعليقات:
المشكلة بوجود بنايات لها فوق ٣٠ سنة وببناء عادي غير مميز ومع ذلك ارتفعت أجاراتها للضعف بدون أي سبب مبرر
شركة
اجياد شركة تنظيف بالدمام هى من افضل شركات التنظيف بالدمام لديها خدمات شاملة
فهى شركة تنظيف بالخبر, وشركة تسليك مجارى بالدمام , وتقدم خدمات متنوعة http://ajiad.net/
شركة اجياد شركة تنظيف بالدمام 0566657410-055985992
إرسال تعليق